فصل: السنة الأولى من ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الأولى من ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر

وهي سنة ثمان وثلاثين من الهجرة‏:‏ فيها توجه عبد الله بن الحضرمي من قبل معاوية إلى البصرة ليأخذها وكان بها زياد ابن أبيه ووقع بينهما أمور‏.‏

وفيها سارت الخوارج لقتال علي رضي الله عنه وكان كبيرهم عبد الله بن وهب فهزمهم علي وقتل أكثرهم وقتل ابن وهب المذكور وقتل من أصحاب علي رضي الله عنه اثنا عشر وفيها توفي صهيب بن سنان بن مالك الرومي سبته الروم فجلب إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي وقيل‏:‏ بل هرب من الروم فقدم مكة وحالف ابن جدعان‏.‏

وكان صهيب من السابقين الأولين شهد بدرًا والمشاهد كلها‏.‏

روى عنه أولاده حبيب وزياد وحمزة وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن أبي ليلى وكعب الأحبار وكنيته أبو يحيى‏.‏

توفي بالمدينة في شوال‏.‏

ونشأ صهيب بالروم فبقيت فيه عجمة‏.‏

وفيها توفي سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري‏.‏

كان من أهل مسجد قباء وكنيته أبو سهل وقيل أبو عبد الله وهو من الطبقة الأولى من الأنصار‏.‏

آخى رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ بينه وبين علي بن أبي طالب وهو ممن شهد بدرًا وأحدًا والخندق‏.‏

وفيها توفيت أسماء بنت عميس بن معد بن تميم بن الحارث بن كعب بن مالك أسلمت قبل دخول رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ دار الأرقم بمكة وبايعت وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له هناك عبد الله بن جعفر ومحمدًا وعونًا ثم تزوجها بعد جعفر أبو بكر الصديق فاستولدها محمدًا أمير مصر المقدم ذكره ثم تزوجها بعد أبي بكر علي بن أبي طالب فولدت منه يحيى وعونًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وخمسة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وتسعة أصابع‏.‏

وفي كتاب درر التيجان‏:‏ تسعة عشر إصبعًا‏.‏

على مصر وهي سنة تسع وثلاثين‏:‏ فيها أيضًا كانت وقعة الخوارج مع علي بن أبي طالب بحر وراء وبالنخيلة - قاتلهم علي فكسرهم وقتل رؤوسهم وسجد لله شكرًا لما أتي بمخدج اليد مقتولًا‏.‏

وكان رؤوس الخوارج زيد بن حفص الطائي وشريح بن أوفى العبسي وكانا على المجنبتين وكان رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي - وقد تقدم ذكرها في السنة الماضية والأصح أنها في هذه السنه - وكان على رجالتهم حرقوص بن زهير‏.‏

وفيها بعث معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي ليقيم الحج فنازعه قثم بن عباس ومانعه وكان من جهة علي فتوسط بينهما أبو سعيد الخدري وغيره فاصطلحا على أن يقيم الموسم شيبة بن عثمان العبدري حاجب الكعبة‏.‏

وفيها أيضًا بعث معاوية ابن عوف في ستة آلاف فارس وأمره أن يأتي هيت والأنبار المدائن وكان أشرس بن حسان البلوي من جهة علي وقد تفرق عنه أصحابه ولم يبق معه سوى ثلاثين رجلًا فخرج إليهم وقاتلهم وقتل ابن أشرس وأصحابه‏.‏

وفيها أرسل معاوية الضحاك بن قيس في ثلاثة آلاف وأمره بالغارة على من هو في طاعة علي من الأعراب‏.‏

وفيها توفي سعد بن عابد ويعرف بسعد القرظ مولى عمار بن ياسر والقرظ‏:‏ ورق السلم كان يجلبه ويبيعه للدباغ فسمي به وكان سعد يؤذن على عهد رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ بقباء ثم أذن على عهد أبي بكر وعمر وهو من الصحابة وله رواية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وخمسة أصابع‏.‏

السنة الثالثة من ولاية عمرو الثانية على مصر وهي سنة أربعين‏:‏ فيها بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز فقدم المدينة وعامل علي متوليها وهو أبو أيوب الأنصاري فنفر منها أبو أيوب‏.‏

وفيها قتل أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب واسم أبي طالب‏:‏ عبد مناف بن عبد المطلب واسم عبد المطلب‏:‏ شيبة الحمد بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي‏.‏

وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية وهي بنت عم أبي طالب‏.‏

كانت من المهاجرات توفيت في حياة النبي ‏"‏ ص ‏"‏ بالمدينة‏.‏

وهو أحد السابقين الأولين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة‏.‏

وأما ما ورد في حقه من الأحاديث وما وقع له في الغزوات فيضيق هذا المحل عن ذكر شيء منها وفي شهرته رضي الله عنه ما يغني عن الإطناب في ذكره‏.‏

قتله عبد الرحمن بن ملجم‏.‏

جلس له مقابل السدة التي يخرج منها علي إلى الصلاة فلما أن خرج علي إلى صلاة الصبح شد عليه عبد الرحمن المذكور فضربه بسكين كانت معه أو بسيف في جبهته وفي رأسه فحمل من وقته وقبض على عبد الرحمن المذكور فقال علي‏:‏ أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي‏:‏ إن شئت قتلت وإن شئت عفوت وإن مت فاقتلوه قتلتي ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين‏.‏

وكان عبد الرحمن قد سم سيفه فتم علي رضي الله عنه جريحًا يوم الجمعة والسبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقين من شهر رمضان من السنة‏.‏

وتولى الخلافة من بعده ابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما - وكانت خلافة علي رضي الله عنه أربع سنين وتسعة أشهر‏.‏

ولما دفن علي أحضر عبد الرحمن بن ملجم فاجتمع الناس وجاؤوا بالنفط والبواري فقال محمد بن الحنفية والحسن والحسين ولدا علي وعبد الله بن جعفر ابن أخيه‏:‏ دعونا نشتف منه فقطع عبد الله يديه ورجليه فلم يجزع ولم يتكلم وكحل عينيه وجعل يقول‏:‏ إنك لتكحل عيني عمك هذا وعيناه تسيلان على خديه ثم أمر به فعولج على قطع لسانه فجزع فقيل له في ذلك فقال‏:‏ ما لذاك أجزع ولكن أكره أن أبقى في الدنيا لا أذكر الله‏!‏ فقطعوا لسانه ثم أخرجوه في قوصرة وكان - قبحه الله ولعنه - أسمر حسن الوجه أفلج في جبهته أثر السجود‏.‏

وقال جعفر بن محمد عن أبيه قال‏:‏ صلى الحسن على علي رضي الله عنه ودفن بالكوفة عند قصر الإمارة وعمي قبره لئلا تنبشه الخوارج‏.‏

وقال شريك وغيره‏:‏ نقله الحسن إلى المدينة‏.‏

وذكر المبرد عن محمد بن حبيب قال‏:‏ أول من حول من قبر إلى قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏.‏

وفيها توفي لبيد بن ربيعة بن كلاب بن مالك بن جعفر بن كلاب‏:‏ الصحابي العامري الشاعر المشهور‏.‏

كنيته أبو عقيل‏.‏

ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من القبائل الذين أسلموا بعد الفتح ووفد على النبي ‏"‏ ص ‏"‏ سنة تسع من الهجرة وأسلم‏.‏

وفيها توفي تميم بن أوس بن خارجة أبو رقية اللخمي الداري الصحابي المشهور واختلف في نسبه إلى الدار بن هانىء أحد بني لخم‏.‏

أسلم تميم سنة تسع رضي الله عنه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثمانية أذرع وستة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وسبعة عشر إصبعًا وفي كتاب درر التيجان‏:‏ وستة أصابع‏.‏

السنة الرابعة من ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة إحدى وأربعين وتسمى هذه السنة عام الجماعة لاجتماع الأمة فيه على خليفة فيها أعني في سنة إحدى وأربعين بايع الحسن بن علي رضي الله عنه بالخلافة معاوية وخلع نفسه‏.‏

وسببه أنه لما ولي الخلافة بعد وفاة والده علي رضي الله عنه أحبه الناس حبًا شديدًا زائدًا واجتمعوا على طاعته واستمر في الخلافة أشهرًا فلما رأى الأمر مآله للقتال مع معاوية وألح عليه أهل العراق حتى خرج في جموعه إلى نحو الشام وخرج معاوية أيضًا بجيوشه في طلب الحسن رضى الله عنه ثم أرسل معاوية إلى الحسن يطلب الصلح‏.‏

قال خليفة‏:‏ فاجتمعا بمسكن وهي بأرض السواد من ناحية الأنبار فاصطلحا في ربيع الآخرة‏.‏

وسلم الحسن الأمر إلى معاوية لا من جزع بل شفقة على المسلمين‏.‏

فإن الذي كان أنه اجتمع للحسن من العساكر أكثر مما كان اجتمع لأبيه ولكن ترك ذلك خوفًا من سفك الدماء‏.‏

ولما وقع ذلك دخل على الحسن سفيان أحد أصحابه وقال‏:‏ السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال الحسن‏:‏ لا تقل ذلك إني كرهت أن أقتلكم في طلب الملك‏.‏

قال الحافظ الذهبي قال أبو بكرة‏:‏ رأيت رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ على المنبر والحسن ابن علي إلى جنبه وهو يقول‏:‏ إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين‏.‏

أخرجه البخاري‏.‏

وفيها توفي صفوان بن أمية بن خلف الجمحي‏.‏

شهد حنينًا مع النبي ‏"‏ ص ‏"‏ ثم أسلم بعدها وفيها توفيت حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثمانية أذرع وستة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وسبعة أصابع‏.‏

السنة الخامسة من ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة اثنتين وأربعين‏:‏ فيها بعث معاوية المغيرة بن شعبة إلى زياد ابن أبيه فخدعه وأنزله من قلعته‏.‏

وفيها ولى معاوية مروان بن الحكم المدينة فاستقضى مروان عبد الله بن الحارث بن نوفل‏.‏

وفيها تحركت الخوارج الذي بقوا من يوم النهروان‏.‏

وفيها توفي حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن سفيان بن حارث أبو عبد الرحمن وقيل أبو مسلمة ذكره ابن سعد في الطبقة الخامسة من أصحاب رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

وفيها توفي عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الدار بن قصي الجمحي ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من المهاجرين ممن أسلم في هدنة الحديبية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وثلاثة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وخمسة أصابع‏.‏

وفي درر التيجان‏:‏ أربعة أذرع وثلاثة أصابع‏.‏

ولاية عتبة بن أبي سفيان على مصر هو عتبة بن أبي سفيان - واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس - أخو معاوية بن أبي سفيان لأبيه‏.‏

ولاه أخوه معاوية إمارة مصر بعد وفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه في شوال سنة ثلاث وأربعين‏.‏

ودخل عتبة مصر في ذي القعدة منها‏.‏

وكان عتبة هذا شهد مع عثمان بن عفان يوم الدار‏.‏

قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه‏:‏ قدم على أخيه معاوية بدمشق وكان له بها في درب الحمالين دار وولي المدينة والطائف والموسم لأخيه معاوية غير مرة وشهد وقعة الجمل مع عائشة رضي الله عنها ثم انهزم فعيره عبد الرحمن بن الحكم‏:‏ الوافر لعمري والأمور لها دواعٍ لقد أبعدت يا عتب الفرار وقال ابن عساكر عن الهيثم بن عدي قال‏:‏ ذكر ابن عباس عتبة بن أبي سفيان في العور‏:‏ ذهبت عينه يوم الجمل مع عائشة‏.‏

وقال أبو بكر الخطيب‏:‏ حج عتبة ابن أبي سفيان بالناس سنة إحدى وأربعين وسنة اثنتين وأربعين‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ الخطباء من بني أمية‏:‏ عتبة بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ أوصى عتبة بن أبي سفيان مؤدب ولده فقال‏:‏ ليكن أول إصلاحك بني إصلاحك لنفسك فإن عيوبهم معقودة بعيبك فالحسن عندهم ما فعلت والقبيح ما تركت وعلمهم كتاب الله ولا تملهم فيتركوا ولا تدعهم منه فيهجروا وروهم من الحديث أشرفه ومن الشعر أعفه ولا تخرجهم من علم إلى علم حتى يحكموه فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم وهددهم بي وأدبهم دوني وكن بهم كالطبيب الرفيق الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء وامنعهم من محادثة النساء واشغلهم بسير الحكماء واستزدني بآدابهم أزدك ولا تتكلن على عذر مني فقد اتكلت على كفاية منك انتهى‏.‏

ولما قدم عتبة إلى مصر في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين أقام بها أشهرًا ثم خرج منها وافدًا على أخيه معاوية بدمشق واستخلف على مصر عبد الله بن قيس ابن الحارث بن عياش التجيبي وكانت في عبد الله المذكور شدة فكرهه الناس بمصر فبلغ ذلك عتبة هذا فرجع إلى مصر وصعد المنبر وقال‏:‏ يا أهل مصر قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم وقد وليكم من إن قال فعل‏.‏

فإن أبيتم درأكم بيده فإن أبيتم درأكم بسيفه ثم جاء في الآخر ما أدرك في الأول‏.‏

إن البيعة شائعة لنا عليكم السمع والطاعة ولكم علينا العدل فأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه‏.‏

فناداه المصريون من جنبات المسجد‏:‏ سمعًا سمعًا فناداهم عتبة‏:‏ عدلًا عدلًا‏.‏

ثم نزل‏.‏

فجمع له أخوه معاوية الصلاة والخراج وعقد عتبة هذا لعلقمة بن يزيد الغطيفي على الإسكندرية في اثني عشر ألفًا من آهل الديوان تكون بها مرابطة ثم خرج إليها عتبة بعد ذلك مرابطًا في ذي القعدة وقيل في ذي الحجة وهو الأشهر سنة أربع وأربعين من الهجرة فمات بها في الشهر المذكور‏.‏

وتولى مصر بعده عقبة بن عامر الجهني وكانت ولاية عتبة على مصر سنة واحدة وشهرًا واحدًا‏.‏

السنة التي حكم فيها عتبة بن أبي سفيان على مصر وهي سنة ثلاث وأربعين‏:‏ فيها شتى بسر بن أبي أرطاة بأرض الروم مرابطًا‏.‏

وفيها فتح عبد الرحمن بن سمرة الزرنج وغيرها من بلاد سجستان‏.‏

وفيها افتتح عقبة بن نافع الفهري كورًا من بلاد السودان ووردان من بلاد برقة‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن سلام الإسرائيلي - ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من الأنصار وقال‏:‏ كنيته أبو يوسف وكان اسمه الحصين فلما أسلم في السنة الأولى من الهجرة سماه رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ عبد الله‏.‏

وهو رجل من بني إسرائيل من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام وهو صاحب القصة مع اليهود‏.‏

وفيها توفي محمد بن مسلمة بن خالد الأنصاري الصحابي مذكور في الطبقة الأولى من الأنصار أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير وآخى رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح وشهد بدرًا والمشاهد كلها ومات في صفر‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم تسعة أذرع وثلاثة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وخمسة أصابع‏.‏

وذكر في درر التيجان أن الماء القديم في هذه السنة أربعة أذرع وثلاثة أصابع‏.‏

السنة الثانية من ولاية عتبة بن أبي سفيان على مصر وهي سنة أربع وأربعين‏:‏ فيها توفي عتبة صاحب الترجمة حسبما تقدم ذكره‏.‏

وفيها غزا المهلب بن أبي صفرة أرض الهند وسار إلى قندابيل وكسر العدو وسلم وغنم وهي أول غزواته‏.‏

وفيها حج الخليفة معاوية بن أبي سفيان بالناس من الشام‏.‏

وفيها زاد معاوية في مقصورة جامع دمشق وكان قد أحدثها لما وثب عليه البرك ليقتله‏.‏

ثم أحدث في هذه السنة أيضًا مروان بن الحكم مقصورة المدينة وهو والٍ عليها‏.‏

وفيها أوغل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد في بلاد الروم وشتى بها‏.‏

وفيها غزا بسر بن أبي أرطاة في البحر‏.‏

وفيها عزل معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة‏.‏

وفيها توفي الحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن أبي غنم الأشهلي أبو بشير الصحابي هو من الطبقة الأولى من الأنصار شهدا بدرًا والمشاهد كلها وآخى رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ بينه وبين إياس بن أبي البكير‏.‏

وفيها توفيت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان على الصحيح واسمها رملة وهي أخت معاوية لأبيه وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وهي ابنة عمة عثمان بن عفان وكان تزوجها رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وهي بالحبشة وذلك في سنة ست من الهجرة أو سبع‏.‏

وفيها توفي أبو بردة بن نيار بن عمرو بن عبيد بن عمرو بن كلاب وهو من الطبقة الأولى من الأنصار من الصحابة‏.‏

شهد العقبة مع السبعين وشهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وفيها توفي أبو موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس بن سليم اليماني صاحب رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ قدم عليه مسلمًا مع أصحاب السفينتين واستعمله رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ على زبيد أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وثمانية عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وإصبع واحد‏.‏

ولاية عقبة بن عامر على مصر هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن رفاعة بن مودوعة بن عدي ابن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني أبو حماد الصحابي‏.‏

شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص ثم وليها من قبل معاوية بن أبي سفيان بعد موت أخيه عتبة بن أبي سفيان في سنة أربع وأربعين وكان يخضب بالسواد‏.‏

قال صاحب البغية‏:‏ ودام بمصر إلى أن قدم مسلمة بن مخلد على معاوية بدمشق فولاه مصر وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر ثم سيره - إلى مصر‏.‏

وأمر معاوية عقبة بغزو رودس ومعه مسلمة بن مخلد المذكور وخرجا إلى الإسكندرية ثم توجها في البحر‏.‏

فلما سار عقبة استولى مسلمة على سرير إمرته فبلغ ذلك عقبة بن عامر وكان ذلك لعشرٍ بقين من ربيع الأول سنة سبع وأربعين وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وتولى مسلمة‏.‏

وآخر من روى عن عقبة بمصر أبو قبيل انتهى‏.‏

وقال الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر في الإصابة‏:‏ روى عن النبي ‏"‏ ص ‏"‏ كثيرًا وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وأبو أمامة وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني وأبو إدريس الخولاني وخلق من أهل مصر‏.‏

قال أبو سعيد بن يونس‏:‏ كان قارئًا عالمًا بالفرائض والفقه صحيح اللسان شاعرًا كاتبًا وهو آخر من جمع القرآن‏.‏

قال‏:‏ ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره‏:‏ كتبه عقبة بن عامر بيده‏.‏

وفي صحيح مسلم من طريق قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال‏:‏ قدم رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ المدينة وأنا في غنم لي أرعاها فتركتها ثم ذهبت إليه فقلت‏:‏ بايعني فبايعني على الهجرة‏.‏

وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي‏.‏

وشهد عقبة بن عامر الفتوح وكان هو الرائد إلى عمر بفتح دمشق‏.‏

وشهد صفين مع معاوية وأمره بعد ذلك على مصر‏.‏

وقال أبو عمر الكندي‏:‏ جمع له معاوية في إمرة مصر بين الخراج والصلاة‏.‏

فلما أراد عزله كتب إليه أن يغزو رودس فلما توجه مسافرًا استولى مسلمة فبلغ عقبة فقال‏:‏ أغربةً وعزلًا‏!‏ وذلك في سنة سبع وأربعين‏.‏

ومات في خلافة معاوية على الصحيح‏.‏

وحكى أبو زرعة في تاريخه عن عباد بن بشر قال‏:‏ رأيت رجلًا يحدث في خلافة عبد الملك فقلت‏:‏ من هذا فقالوا‏:‏ عقبة بن عامر الجهني‏.‏

قال أبو زرعة‏:‏ فذكرته لأحمد بن صالح فقال‏:‏ هذا غلط مات عقبة في خلافة معاوية‏.‏

وكذلك أرخه الواقدي وغيره زاد في آخرها‏:‏ وأما قول خليفة بن خياط‏:‏ قتل في النهروان من أصحاب علي أبو عمرو عقبة بن عامر الجهني فهو آخر بدليل قول خليفة في تاريخه‏:‏ في سنة ثمان وخمسين مات عقبة بن عامر الجهني‏.‏

انتهى كلام شيخ الإسلام ابن حجر‏.‏

وقال صاحب كتاب ‏"‏ العقود الدرية في الأمراء المصرية ‏"‏‏:‏ توفي عقبة في سنة ثمان وخمسين بمصر وقبره يزار بالقرافة‏.‏

وقال صاحب كتاب مهذب الطالبين إلى قبور الصالحين‏:‏ عقبة بن عامر الجهني من أعلام الصحابة معدود من خدام النبي ‏"‏ ص ‏"‏ وكان يأخذ بزمام بغلة رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ ويقودها في الأسفار‏.‏

وعدد له رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ فضل المعوذتين وحثه على قراءتهما وهو أحد من شهد فتح مصر من الصحابة وولي مصر لمعاوية بن أبي سفيان بعد عتبة بن أبي سفيان ثم غزا في البحر سنة سبع وأربعين‏.‏

وهو أول من نشر الرايات على السفن‏.‏

فلما خرج إلى الغزو جاء كتاب معاوية بعزله وولاية مسلمة فلم يظهر مسلمة ولايته فقال عقبة‏:‏ ما لي أرى الأمر أبطأ علي قالوا‏:‏ ولى مسلمة بن مخلد قال عقبة‏:‏ ما أنصفنا معاوية‏!‏ عزلنا وغربنا‏.‏

قال‏:‏ ولأهل مصر فيه اعتقاد عظيم ولهم عنه نحو مائة حديث‏.‏

وقد ذكر ابن عبد الحكم الحديث الأول - منها‏:‏ من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاةً غير ساهٍ ولا لاهٍ كفر عنه ما كان قبلها من سيئاته‏.‏

الحديث الثاني - قال عقبة‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ تعجب ربك من شاب ليس له صبوة ‏"‏‏.‏

الحديث الثالث - قال عقبة‏:‏ كنت آخذ بزمام بغلة رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ في بعض غاب المدينة فقال لي‏:‏ يا عقبة ألا تركب فأشفقت أن تكون معصية فنزل رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وركبت هنيهة ثم ركب فقال‏:‏ ألا أعلمك سورتين فقلت‏:‏ بلى يا رسول الله قال‏:‏ فاقر أني‏:‏ ‏"‏ قل أعوذ برب الفلق ‏"‏ و ‏"‏ قل أعوذ برب الناس ‏"‏ ثم أقيمت الصلاة فتقدم وصلى بهما وقال‏:‏ اقرأهما كلما نمت وقمت ثم قال‏:‏ وليس في الجبانة قبر صحابي مقطوع به إلا قبر عقبة فإنه زاره الخلف عن السلف‏.‏

وقال الشيخ الموفق بن عثمان في تاريخه المرشد ناقلًا عن حرملة من أصحاب الشافعي‏:‏ إن البقعة التي دفن فيها عقبة المذكور بها أيضًا قبر عمرو بن العاص وقبر أبي بصرة الصحابيين تحويهم القبة التي هدمها صلاح الدين يوسف بن أيوب ثم بناها البناء المعهود الآن‏.‏

ورئي بعض الأمراء في النوم ممن جاوره فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك قال‏:‏ غفر لي بمجاورة عقبة‏.‏

وروي له من البركات روايات كثيرة‏:‏ منها أن رجلًا أسر له ولد فأتى قبر عقبة ودعا الله عز وجل فقام السنة الأولى من ولاية عقبة بن عامر الجهني على مصر وهي سنة خمس وأربعين‏:‏ فيها غزا معاوية بن حديج إفريقية من بلاد المغرب‏.‏

وفيها سار عبد الله بن سوار العبدي فافتتح القيقاز وغنم وسلم وعاد‏.‏

وفيها عزل عبد الله بن عامر عن البصرة فاستعمل عليها معاوية الحارث بن عمرو الأزدي ثم عزل عن قريب وولى عليها زياد ابن أبيه فبادر زياد وقتل سهم بن غالب الهجيمى الذي كان خرج في أول الأمر على معاوية وصلبه‏.‏

وفيها توفيت أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وأمها زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون‏.‏

قال ابن سعد بإسناده‏:‏ ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ بخمس سنين‏.‏

وذكر الذهبي وفاتها في سنة إحدى وأربعين وتابعه جماعة على ذلك‏.‏

وفيها توفي زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الأنصاري الصحابي وهو من الطبقة الثالثة من الأنصار كنيته أبو سعيد وقيل أبو خارجة‏.‏

قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ ‏"‏ أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حياءً عثمان وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وهو من كتاب الوحي والقراء‏.‏

وفيها توفي سلمة بن سلامة بن وقش وكنيته أبو عوف ة وقيل أبو ثابت‏.‏

وهو من الطبقة الأولى من الأنصار صحابي مشهور شهد العقبتين وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

وفيها توفي سهل بن عمرو بن زيد بن جشم الأنصاري ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من الصحابة ممن شهد أحدًا والخندق وما بعدهما مع رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

وفيها توفي عاصم بن عدي وهو من الطبقة الأولى من الأنصار وكنيته أبو عمرو وقيل أبو عبد الله وهو الذي بعثه رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ من بدر إلى قباء‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وسبعة أصابع‏.‏

وقال صاحب درر التيجان‏:‏ وسبعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وخمسة أصابع‏.‏

السنة الثانية من ولاية عقبة بن عامر الجهني على مصر وهي سنة ست وأربعين‏:‏ فيها عزل الخليفة معاوية عبد الرحمن بن سمرة عن سجستان وولاها الربيع بن زياد الحارثي فخاف الترك وجمع ملكهم كابل شاه الجموع وزحف على المسلمين فنزح المسلمون عن مدينة كابل ثم لقيهم الربيع هذا وقاتلهم أعني الترك فهزمهم الله تعالى وساق وراءهم المسلمين إلى الرخج وغنموا منهم شيئًا كثيرًا‏.‏

وشتى المسلمون بأرض الروم في هذه السنة‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد لما رجع من بلاد الروم إلى حمص وكان قد شتى بالروم وفتح حصونًا كثيرة فسقاه ابن أثال النصراني شربة مسمومة فمات منها‏.‏

وهو ممن أدرك رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وقيل إنه مات في سنة تسع وأربعين‏.‏

وفيها توفي هرم بن حيان العبدي البصري‏.‏

ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من الفقهاء المحدثين والزهاد من أهل البصرة - وهو أحد الزهاد الثمانية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وتسعة أصابع‏.‏

وفي الدرر‏:‏ ثمانية عشر ذراعًا وتسعة أصابع‏.‏

السنة الثالثة من ولاية عقبة وفيها سار رويفع بن ثابت الأنصاري من طرابلس الغرب ودخل إفريقية ثم عاد من سنته‏.‏

وفيها غزا عبد الله بن سوار العبدي القيقان أيضًا فجمع له الترك والتقوا معه فاستشهد عبد الله وسائر من كان معه من الجيوش‏.‏

وفيها شتى مالك بن هبيرة بأرض الروم‏.‏

وفيها أقام الموسم عنبسة بن أبي سفيان‏.‏

وفيها توفي قيس بن عاصم بن سنان ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة في الصحابة ممن أسلم من العرب ورجع إلى بلاد قومه وكنيته أبو علي وقيل أبو قبيصة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وثلاثة عشر إصبعًا‏.‏

وفي درر التيجان‏:‏ وثلاثة وعشرون إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وسبعة أصابع‏.‏